.

النجاة من فتنة الدجال


أيها المسلمون: وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة الدجال، أولها الفرار منه وعدم إتيانه، ولو كان المرء واثقاً من نفسه فإنه لا يدري. عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات)) رواه مسلم. وسيعصم الله أقواماً بفرارهم إلى الجبال، ففي صحيح مسلم عن أم شريك قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليفرنّ الناس من الدجال في الجبال)).
ومما يعصم المسلم من الدجال أن يلجأ إلى أحد الحرمين مكة أو المدينة، فإن الدجال محرم عليه دخولهما.
ومما يعصم من الدجال ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من قراءة فواتح سورة الكهف وفي بعض الروايات خواتيمها، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ)) رواه مسلم. قال بعض أهل العلم والحكمة في ذلك والله أعلم هو أن الله أخبر في طليعة هذه السورة أن الله أمّن أولئك الفتية من الجبار الطاغية الذي كان يريد اهلاكهم، فناسب أن من قرأ هذه الآيات وحاله كحالهم أن ينجيه الله كما أنجاهم، وما ذلك على الله بعزيز.
ومما يعصم من الدجال التعوذ من فتنة الدجال وخاصة في الصلاة كما ورد بذلك الحديث الذي رواه الامام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)).
أيها الأحبة: إذا خرج الدجال فإن الناس سيفتنون به مع ما ورد من تحذيرات وتنبيهات من النبي صلى الله عليه وسلم ومع ما سمعوا عنه، والسبب هو قلة ورقة الدين والايمان في قلوبهم، إن واقع الناس التي نشاهدها اليوم، والله إنه لايبشر بخير، ولو أتاهم ما هو أقل من الدجال بكثير لفتنهم وأفسد عليهم دينهم وأخلاقهم، يا أخي أنظر في حال الناس اليوم وما يهويهم وما يفتنهم. لو فتح محل جديد في البلد لبيع أي شئ وليكن تمراً فما أن يتسامع الناس به إلا رأيت من له حاجة ومن لا حاجة له طوابير على هذا المحل، الناس اليوم فتنهم الإعلام، وفتنهم المناظر، وفتنهم المجمعات التجارية، وفتنهم السياحة والسفر، وفتنهم أمور تافهة، تتعجب من بعض أصحاب العقول والمكانة أن ينساق وراءها فما بالكم بالدجال، الذي لم تمر ولن تمر على البشرية أعظم من فتنته، إذا كان دين الناس اليوم، ومقدار الايمان في قلوب الناس اليوم وما يعرفون من أحكام الشرع لم يعصمهم من هذه الفتن البسيطة في هذه الفترة، فكيف بذلك الوقت الذي تكون فيه الفتنة أعظم والدين والايمان أقل.
نسأل الله تعالى السلامة والعافية.